حادثة سقوط رافعة الحرم تعود إلى عام 1436هـ.
حادثة سقوط رافعة الحرم تعود إلى عام 1436هـ.
-A +A
عدنان الشبراوي (جدة) Adnanshabrawi@
بعد 9 شهور من الجلسات في قضية رافعة الحرم الشهيرة قبل 5 سنوات (1436)، عقب إعادتها إلى المحاكمة، ونقض حكمها السابق، حكمت الدائرة القضائية الثانية في المحكمة الجزائية بمكة المكرمة، بصرف النظر عن التهم ضد المدعى عليهم لعدم ثبوت المسؤولية التقصيرية، وصرفت المحكمة النظر بإلزام مجموعات بن لادن بدفع الديات والأروش لعدم علاقة المدعي العام بالحق الخاص.

ونص الحكم على أولا: عدم ثبوت المسؤولية التقصيرية (على) مجموعة بن لادن في هذه الدعوى، ثانيا: صرف النظر عن طلب المدعي العام بإلزام مجموعة بن لادن بدفع الديات والأروش وقيمة التلفيات لعدم الصفة، ثالثا: عدم إدانة كل من 1الى رقم 12، بما نسب إليهم من مخالفة لائحة قواعد السلامة الواجب اتباعها في مواقع الإنشاءات، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وذلك لما هو موضح بالأسباب.


وارتكزت حيثيات البراءة على أنه «لم يثبت ارتكاب مجموعة بن لادن للخطأ المدعى به عليها، وليس في أدلة المدعي العام ما يمكن الاستناد عليه في إثبات المسؤولية عليها، ولا يوجد ما يفيد بقيام الهيئة العامة للأرصاد بالتحذير والتنبيه على توقع حدوث هذه الكارثة».

وأشارت المحكمة إلى أنه، وبإعلانه جرى تحديد موعد استلام الحكم يوم الخميس 13 محرم 11441هـ، وأفهم الأطراف أن لهم حق الاعتراض خلال 30 يوما من استلام الحكم وفي حال عدم الاعتراض فإن الحكم يصبح نهائيا وواجب النفاذ.

وأكدت مصادر عدلية أن الدائرة القضائية منحت المتهمين جميع الضمانات القضائية، وحرصت على إبلاغ الأطراف وتعريفهم بحقوقهم في الاستئناف وآلية ومدة الاعتراض على الحكم. وجاء إعلان الحكم من الدائرة بعد جلسة عقدت في مقرها ببطحاء قريش الخميس الماضي، إذ انعقدت المحكمة بكامل نصابها وحضور المدعي العام والمتهمين ووكلائهم.

وبدأت الجلسة في هدوء وانضباط وتعاون بين أطراف الدعوى، وعلى مدى 15 دقيقة راجعت الدائرة القضائية ‏المكونة من 3 قضاة ملف القضية وأطراف الدعوى، وسأل رئيس الدائرة المتهمين والمدعي العام في النيابة: «هل هناك ما ترغبون فيه إضافته في هذه الجلسة؟»، فأجاب المدعي العام: «ليس لدي إضافة واكتفي بما سبق»، ورد كذلك المتهمون والوكلاء: «ليس لدينا إضافة ونكتفي بما سبق»، ليأتي قرار رئيس الدائرة بالقول: «رفعت الجلسة للمداولة والتأمل والنطق بالحكم».

وبعد 15 دقيقة، ترقب فيها الجميع ما ستعلنه المحكمة، عادت الدائرة القضائية للانعقاد مجددا، في هدوء وعلانية طبقا لنظام المرافعات الشرعية، وبدأ رئيس الجلسة يتلو مقدمة مختصرة للقضية، ثم نطق بالحكم.

وجاء في منطوق الحكم الذي أعلنه القاضي، أنه «عقدت الدائرة القضائية المشكّلة من 3 قضاة وفيها حضر المدعي العام، كما حضر وكلاء المدعى عليهم، وبسؤال أطراف الدعوى هل لديهم ما يودون إضافته قرروا اكتفاءهم بما قدموه في الجلسات السابقة، ثم أقفلت المرافعة ورفعت الجلسة للمداولة وتأسيسا على ما تقدم من الدعوى والإجابة صدر الحكم».

جاء في الحكم لما كان المدعي العام يطلب إثبات المسؤولية على المدعى عليها (مجموعة بن لادن) عما أسند إليها من إهمال وتقصير، وإلزامها بدفع ديات المتوفين وأروش المصابين وقيمة التلفيات التي خلفها الحادث، وإثبات مخالفة بقية المدعى عليهم للائحة قواعد السلامة الواجب اتباعها في مواقع الإنشاءات الصادرة بقرار وزير الداخلية رئيس مجلس الدفاع المدني، فبالنسبة للتهمة المنسوبة لمجموعة بن لادن، فالثابت أن وكيلها قد أنكر هذه التهمة، كما أن الثابت من خلال بيانات الصندوق الأسود التابع للرافعة ولما ورد في خطابات شركة ليبهر المتبادلة مع النيابة أن وضعية وقوف الرافعة محل الدعوى كانت صحيحة وآمنة، ولما كان الثابت أن هيئة الأرصاد وحماية البيئة قد أصدرت نشرة عن أحوال الطقس في يوم الحادثة واليوم الذي قبله وتضمن بأن سرعة الرياح في البحر الأحمر تتراوح ما بين (18) و(38) كيلو مترا في الساعة فقط ولم تتضمن وصف الحالة بأنها أعاصير أو نحوه مما يجب معه أخذ الحيطة والحذر، وحيث إن كتيب تشغيل الرافعة وخطابات الشركة المصنعة لها بيّنا بأن الرافعة إذا تم تركيبها بشكل صحيح فإنها تتحمل الرياح التي تصل سرعتها إلى 70 كيلو مترا في الساعة، وأن التوقعات إذا كانت تفوق هذه السرعة فيجب إنزالها بصفة تامة على الأرض، وبناء على هذا فإنه لم يثبت للدائرة ارتكاب مجموعة بن لادن للخطأ المدعى به عليها، وليس في أدلة المدعي العام ما يمكن الاستناد عليه في إثبات المسؤولية عليها، كما لم تجد الدائرة في ملف الدعوى ما يفيد بقيام الهيئة العامة للأرصاد بالتحذير والتنبيه على توقع حدوث هذه الكارثة.

الأصل براءة الذمة

وأضافت المحكمة: «في ما يتعلق بتقرير شركة أرامكو فقد تضمن بعض الأخطاء والمعلومات المخالفة لكتيب تشغيل الرافعة حيث ذكر معدو التقرير أن سرعة الرياح المسموح بها لوقوف الرافعة هي (32) كيلو مترا في الساعة، في حين أن كتيب التشغيل بين بأن سرعة الرياح المسموح بها للرافعة هي (70) كيلو مترا في الساعة وقد جاءت إجابة الشركة المصنعة مؤيدة لذلك معتمدة في إجابتها على قراءة بيانات الصندوق الأسود، ولاشك أن ما ورد في إجابة الشركة المصنعة وفي الكتيب هو المعول عليه لكونهم الأدرى والأعرف بها، إضافة إلى أن تقرير شركة أرامكو لاحق لحدوث سقوط الرافعة، وقد تراجع معدو شركة أرامكو عن بعض ما ذكروه في التقرير طبقا لما ورد في محضر مناقشة الخبير المؤرخ في 15/ 5/ 1437هـ المرفق بملف الدعوى، وحيث إن أدلة المدعي العام ليس فيها ما يمكن الاستناد عليه في إثبات المسؤولية عليها، وحيث إن الأصل براءة الذمة، فإن الدائرة تنتهي إلى عدم ثبوت هذه التهمة.

لا علاقة للمدعي العام بالحقوق الخاصة

رفضت المحكمة طلب المدعي العام إلزام مجموعة بن لادن بدفع ديات المتوفين وأروش المصابين وقيمة التلفيات، مؤكدة أنه لا علاقة للمدعي العام بالحقوق الخاصة.

وقالت «لما كانت هذه الطلبات متعلقة بحقوق خاصة لا علاقة للمدعي العام بها ولا وكالة تخوله بالترافع بها ولاتتحقق له الصفة في ذلك، وأما ما يتعلق باتهام بقية المدعى عليهم بمخالفة لائحة قواعد السلامة، فالثابت أنهم أنكروا ما نسب إليهم، ولم تجد المحكمة ما يدل على وقوع المخالفة منهم، وحيث إنه توجد لجنة مشرفة ومراقبة لأعمال السلامة في المشروع مكونة من الدفاع المدني ورئاسة شؤون الحرمين ومراقب المشروع، وقد خلت أوراق المعاملة من وجود محاضر صادرة من اللجنة تثبت ضبط مخالفات لقواعد السلامة مما يضعف معه هذه التهمة، وحيث إن الأدلة التي ساقها المدعي العام غير كافية في إدانة المدعى عليهم، وحيث إن الأصل براءة الذمة، فإن الدائرة تنتهي إلى عدم ثبوت ما نسب إلى المدعى عليهم وفق منطوق حكمها».

طلب «المالية» إزالة الرافعة لا علاقة له بالسلامة

أكدت المحكمة عدم علاقة طلب تقدم به ممثل وزارة المالية، لإزالة الرافعة، بمتطلبات السلامة والأمن، لأن الدفاع المدني هو المختص بهذا الأمر.

وقالت في هذه الجزئية «ما يتعلق بخطاب ممثل وزارة المالية الذي يطلب فيه من مدير المشروع إزالة الرافعة والذي استدل به المدعي العام في الدعوى، فقد تبين أن مدير المشروع أجابه بخطاب يوضح فيه بأن الحاجة إلى الرافعة لازالت مستمرة لتنفيذ مجموعة من أعمال التحميل والتنزيل وغيرها من الأعمال وطلب إعادة النظر في إزالتها، فوجه ممثل وزارة المالية خطابا يطلب فيه حصر أيام وساعات العمل المعتمدة وبيان نوعية هذه الأعمال من أجل اتخاذ الإجراء المناسب، فوجه له مدير المشروع خطابا بتاريخ 30/10/1436، حصر فيه الأعمال وطلب منه إعادة النظر في إزالتها، فتوقف ممثل وزارة المالية عن مخاطبته، واتضح للمحكمة أن طلب إزالة الرافعة لم يكن بدافع الأمن والسلامة، بل لأسباب أخرى ذكرها ممثل وزارة المالية في إفادته التي تم إثباتها في لائحة الدعوى العامة، ومما يدل على أن طلبه لم يكن لأسباب تتعلق بالأمن والسلامة ما ورد في المادة الثامنة من لائحة قواعد الأمن والسلامة من أن الدفاع المدني هو المخول بطلب إزالة أي رافعة لأسباب تتعلق بالسلامة، ولم يثبت للدائرة قيام أي جهة بطلب إزالة الرافعة لهذه الأسباب».